الفلسفة الاجتماعية

مدونة اجتماعية وفلسفية تهتم بالقضايا الفلسفية والاجتماعية والرياضية والصحية والفنية للمجتمع

recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...

سؤال الرغبة بين ديكارت والتحليل النفسي

مفهوم الرغبة عند ديكارت ومدرسة التحليل النفسي  





العناصر 

  1. مقدمة
  2. الرغبة عند ديكارت 
  3. نبدة عن حياة ديكارت 
  4. الرغبة عند ديكارت باعتبارها انفعالا
  5. تصنيفات الرغبة 
  6. مفهوم الرغبة في التحليل النفسي
  7. ماالتحليل النفسي 
  8. الرغبة واللاشعور
  9. عقدة اوديب 
  10. خاتمة 
  11. لائحة المراجع

 

مقدمة 

ان مقاربة مفهوم الرغبة بين الديكارتية ومدرسة التحليل النفسي جعل من المفهوم يخطو خطوة اساسية حيث انه ينتمي بالاساس لكل من المجال الفلسفي والمجال السيكولوجي وبهذا فالدراسة المنجزة ستضعنا امام خبابا الرغبة وابعادها اذن ما الرغبة حسب مدرسة التحليل النفسي  ؟وكيف عالجت الديكارتية مفهوم الرغبة ؟ وما علاقتها بالعقلانية؟ 








  1. الرغبة عند ديكارت.

  • نبدة عن حياة ديكارت 

يعتبر روني ديكارت رائد العقلانية الغربية الحديثة، ومكتشف الكوجيطو ويقين الذاتية على الصعيد الفلسفي، عاش في العصر الكلاسيكي بين سنة 1596م، وسنة1650م. وطبع القرن السابع عشر بفكره، حيث حاول أن يطبق الشك المنهجي على شتى ميادين المعرفة، فقد صار الشك عنده استراتيجية دائمة تلقى على كل المعتقدات والظواهر، على كل أيديولوجية وكل حقيقة، على كل مسلمات محيطة فيزعزع القيم الثابتة واليقين. فقد كان ديكارت فيلسوفا وعالم رياضيات وفيزيائي وعاش معظم شبابه في الديار الهولندية، أطلق عليه لقب مؤسس الفلسفة الحديثة، وقد تأثرت معظم الفلسفات الغربية التالية للعصر الذي عاش فيه بكتاباته التي استمر الكثيرون في دراساتها بعناية حتى يومنا هذا. وبالتحديد احتفظ كتابه المعروف باسم "التأملات في الفلسفة الأولى" بمكانته  كمرجع له قيمته في معظم أقسام الفلسفة في الجامعات .

ويعتبر ديكارت من أهم الشخصيات التي نادت بالمذهب العقلاني في القارة الأوروبية، في القرن السابع عشر وهو المذهب الذي أيده بعده كل من باروخ إسبينوزا وجوتفريد لابينتز ، وعارضته أراء المدرسية الفلسفية التجريبية. إلا أنه ما يهمنا نحن في هذا المقال هو الوقوف على أهم الآراء الديكارتية حول إشكالية الرغبة، لأن مشروع ديكارت العقلاني لم يغفل مكانا للحديث حول الرغبة.

  •  الرغبة عند ديكارت باعتبارها انفعالا 

تحيل الرغبة عند ديكارت إلى ذلك الهياج في النفس تسببه الأرواح التي تعدها كي تزيد للمستقبل الأشياء التي تتصور أنها مناسبة ، بمعنى أن الرغبة هنا تكتسب خاصية الخيال لأنها ترتبط أشد الارتباط بالمستقبل القريب، بحيث أننا لا نرغب إلا في غياب الشر والمحافظة على الخير، سواء أتعلق هذا الخير بالحاضر أو المستقبل، لأنها تحملنا إلى أن نتطلع نحو المستقبل أكثر من التطلع نحو الحاضر أو الماضي، أي أن الرغبة إحساس يهيج في النفس الإنسانية قصد الحصول على الخير رغم ارتباطه بالمستقبل، إلا أن هذا الإحساس لا يتوافق والشر ويبغضه.

 وهذا الهياج أي انفعال الرغبة  يشمل عدة حالات على حد تعبير ديكارت، ومن بينها مثلا حينما نرغب في اقتناء خير ما، لكن لم نحصل عليه بعد، أو حين نرغب في تجنب شر ما، ونعتقد أنه سيحصل . وبهذا فهاتين الحالتين تعبر عن الرغبة الكامنة وراء كل فرد المرتبطة غالبا بثنائية الخير والشر، في حين لا نتمنى سوى المحافظة على خير نملكه، أو غياب شر معين . وبالتالي يتضح أن الرغبة ترتبط وتتطلع أكثر نحو المستقبل، ويرتبط بها غالبا عندما نميل إلى خير معين مثل الحب والرجاء والفرح، في حين أن هذه الرغبة نفسها تصاحبها، حين تميل إلى الابتعاد عن الشر المناقض لهذا الخير، مثل الكراهية والتخوف والحزن.

وبهذا فالرغبة عند ديكارت، هي انفعال واحد هو عينه الذي يقوم بالعمل الأول والعمل الثاني، بمعنى أنها تناسب في الوقت نفسه إلى خير معين من أجل البحث عنه، والشر مناقض له نسعى لتجنبه، فالبحث عن الغنى يمهد للهروب من الفقر، والهروب من الأمراض يقتضي البحث عن الصحة. وبهذا فالرغبة انفعال وحركة واحدة هي نفسها التي تحملنا على البحث عن الخير، وفي نفس الوقت على الهروب من الشر الذي هو نقيضه.

  • تصنيفات الرغبة 

ونجد لدى ديكارت أيضا تصنيفا للرغبات حيث يقول في هذا السياق، "إنه لمن الصواب أن نميز في الرغبة أنواع متعددة ومختلفة، بقدر تحديد الموضوعات التي نبحث عنها" .ومن بين هذه الأنواع هناك الرغبات التي تولدها البهجة والرغبات التي يولدها النفور. 

إن كل من النفور والبهجة انفعالان من انفعالات النفس، ذلك أن النفور قد أحدثته الطبيعة، لتصور للنفس الموت المفاجئ وغير متوقع ، ويعطي ديكارت مثالا لذلك، فمثلا عندما نلمس حفيف ورقة تهزها الرياح أو ظلها أو عند لمس دودة صغيرة، فإننا نشعر في البدء بانفعال كما لو كان خطر موت داهم، مما يولد في النفس هياج، يدفعها لاستخدام كل قواها لتجنب شر مائل أمامها، إلا أن هذا النوع غالبا ما يسمى بالاشمئزاز أو النفور.

على خلاف الانفعال السابق ، فإن البهجة، قد أحدثتها الطبيعة، لتصور التمتع بما هو مبهج كأعظم خيارين بين  كل الخيارات التي تنتمي إلى الإنسان، مما يجعل هذا الأخير دائما يشتهي هذا التمتع، ومثالا على ذلك جمال الأزهار الذي يحثنا على النظر إليها أما جمال الفاكهة فيحثنا على أكلها، هذا ما يدل على أن هناك أنواع عديدة من البهجة، "غير أن الابتهاج الرئيسي هو الذي يأتي من الكمالات التي نظنها في شخص نعتقد بأنه يستطيع أن يصبح ذاتنا الأخرى" .

بمعنى أنه حينما نرى لدى شخص شيئا معينا يبهجنا أكثر مما يبهجنا ما نراه في الوقت ذاته لدى الآخرين، فإن ذلك يواجه النفس لأن تشعر نحو هذا الشخص وحده بكل الميل الذي منحته إياه الطبيعة للبحث عن الخير، وبهذا فإن هذه الرغبة التي تتولد من الإحساس بالبهجة تسمى عادة الحب. وبهذا فالرغبة تهيج القلب بطريقة أعنف من كل الانفعالات الأخرى، وكذلك فإنها تزود الدماغ بكمية أكبر من الأرواح التي تمر من هناك إلى العضلات. فحين ترغب النفس في شيء معين، فإن الجسم كله يصبح أكثر رشاقة، واستعدادا. وبهذا تصبح رغبات النفس أقوى وأعنف، إلا أن هذه الرغبة حين تنبثق من معرفة حقيقية، فإنها لا يمكن أن تكون سيئة، شريطة أن تضبطها هذه المعرفة وتقيدها. وقد تكون سيئة، حين تكون مؤسسة على خطأ ما؛ فالرغبة حين تستند إلى حريتنا وتقرر إرادتنا بأنها صالحة، لا يعود هناك حدود الحرية المنفتحة على اللانهاية، وبالتالي فمهما كان حماسنا واندفاعنا، وتهورنا، فإن الرغبة تظل أقل بكثير من أفق الحرية اللامتناهي. هناك إذن نوع من الديالكتيك القائم بين الرغبة المنغمسة في عمل الخير، والتي تظل مهما كبرت متناهية، وبين فضيلة الحرية، وهي النبل أو الكرم التي لا حدود لها.

تعتبر إذن الرغبة عند ديكارت هي ذلك الميل إلى خير معين ويصاحبها الحب ثم الرجاء والفرح، ويربط ديكارت بين الرغبة واعتبار الخير والشر سواء من ناحية اقتناء خير لم يتم، الحصول عليه بعد، أو تجنب شرما قبل الوقوع فيه، والرغبة دائما تتطلع نحو المستقبل. إن الانفعالات مثل الفرح والحب والحزن والكراهية...هي الانفعالات التي تثير في الإنسان الرغبة وتمهد لها، ولها أيضا هدف اجتماعي وأخلاقي وهو تنظيم عاداتنا وأخلاقنا، لذا فلابد من تنظيم هذه الرغبات، وتأسيسها على المعرفة والعقل. يقول ديكارت:" إن العقل يريد بأن نختار السبيل الذي جرت العادة على أن يكون الأكثر أمنا، ويجب أن تتحقق رغبتنا بخصوص هذا الأمر، حين نكون قد اتبعنا هذا السبيل"  . وذلك بالتمييز فيما نرغب فيه بين الأشياء التي تتوقف كلية علينا، والأشياء التي لا تتوقف علينا أبدا، وكذا تحرير الروح من جميع الرغبات الأخرى الأقل منفعة، فتحقيق الرغبة رهين بتتبع سبيل المعرفة العقلية ويبقى إذن العقل حليف كل انفعالاتنا وإحساساتنا من أجل تحقيق ولو بشكل كبير الأمن الداخلي الذي تحدته النفس.


  1. مفهوم الرغبة في التحليل النفسي

  • ماذا نعني بالتحليل النفسي؟ 

 يعد التحليل النفسي  منهجا علاجيا ومجموعة نظريات طورها سيغموند فرويد وأتباعه لدراسة النفس البشرية بطريقة تقسيمية افتراضية. حيث قسموا النفس وفهموا العمليات النفسية افتراضيا ولها ثلاث تطبيقات : طريقة لاستكشاف العقل، وطريقة نظامية لفهم السلوك وطريقة للعلاج النفسي للمعتلين نفسيا. 

بالإضافة إلى كونه أيضا هو منهج التحليل العمليات العقلية اللاشعورية  وتبيان العلاقة بين الشعور واللاشعور وطريقة العلاج النفسي، طورها سيغموند فرويد واعتبرت ناجحة على المستوى العلمي والعملي والعالمي والفكري. وهو اسم يطبق على أسلوب خاص في كشف العمليات العقلية اللاواعية وعلى طريقة العلاج النفسي.

وبهذا فاللاشعور يعتبر من أبرز الإشكاليات التي عالجها التحليل النفسي. إلا أن اللاشعور يرتبط أشد الارتباط بالرغبة، لأن غالب رغباتنا تتبعثر بشكل كبير فيه إذن: فما الرغبة بالنسبة للتحليل النفسي؟ وما علاقتها باللاشعور؟

  • الرغبة واللاشعور

ستبلور مدرسة التحليل النفسي  تصورا يعتبر أن الرغبة إنما يقترن وجودها بوجود اللاشعور،  وأنها تنفلت من سلطة الذات ووعيها وإرادتها، فإذا كانت الرغبة بمثابة لذة أو استمتاع جسدي، فإن ذلك  يتحقق بكيفية استيهامية ترتد إلى التوترات والأشياء المكبوتة خلال مرحلة الطفولة المبكرة. وهكذا فإن المحدد الرئيسي للرغبة هو الجانب اللاواعي، وموضوع الرغبة هو موضوع إستيهامي غير واقعي ويتحدد  بالغياب، وإنتاجها هو أيضا إنتاج إستيهامي. يقول فرويد: "لكن الرغبة المكبوتة تواصل وجودها في اللاشعور،  وهي تترقب فرصة للظهور وسرعان ما تعاود ظهورها إلى حيز الوجود،  ولكن في ثوب تنكري ".

إن نظرية اللاشعور فسر بها فرويد السلوك العصبي غير السوي، بحيث قال إنه سلوك يعود إلى التجربة الجنسية لمرحلة الطفولة. وكان قوله بحياة جنسية في مرحلة الطفولة إسهاما مهما في فهم العديد من أنماط السلوك، فاللذة عند الطفل تبتدأ كلذة فمية ثم شرجية ثم قضيبيه. فالوالد والمجتمع يعملان باستمرار على تقييد رغبات الطفل ويقمعانها، فيمر الطفل بسلسلة كبيرة من الصراعات أهمها عقدة أوديب (كرغبة في قتل الأب والزواج من الأم، والزواج من الأب حسب الحكاية المسرحية، فتدفعها الذاكرة إلى اللاشعور، فالإنسان بطبيعته يسعى إلى اللذة، لكنه مضطر إلى التكيف مع الواقع بحيث يكون عليه تعديل دوافعه وميوله إما بالتسامي، أو تصريفها في عمل إيجابي بالنسبة للإنسانية).

 لقد اقترح فرويد مفهوم اللاشعور كفرضية لا يمكن بدونها فهم الصلة بين مرحلتي الطفولة  والبلوغ وكان فرويد قد قسم الجهاز النفسي إلى ثلاث أقسام: الشعور، ما قبل الشعور ثم اللاشعور. لكنه سيطور نظريته ويتحدث عن تقسيم ثلاثي آخر: الأنا، الهو والانا الأعلى،  أما الهو فهو منطقة الرغبات وخاصة منها الرغبة الجنسية التي تتحدد كطاقة حيوية (الليبيدو)،والانا الأعلى وهي ما يمكن أن نرمز له بالضمير أو بالسلطة الخلقية والدينية للمجتمع والتي تتحدد كأوامر ونواهي يمثلها الطفل منذ صغره فتصبح جزءا من شخصيته أي لاشعورية.  

إن الإنسان السوي في نظر فرويد هو الذي يستطيع التوفيق بين كل مطالب الهو ومطالب الأنا الأعلى المتناقضة وذلك بالتحايل عليها وفق مبدأ الواقع. أما من غلب جانبا من الرغبات التدميرية، أما للهو أو للأنا الأعلى فيختل توازن شخصيته، ويصاب بمرض نفسي،  وللأحلام دور مهم في التحليل وهي كما يقول فرويد: "الطريق الملكي نحو اللاشعور".

والحلم له محتوى ظاهر يرمز إلى محتوى باطن مرتبط بالدوافع والرغبات اللاشعورية،  فالحلم هو تحايل الرغبة على رقابة الشعور أثناء نومه تنفس عن نفسها بشكل رمزي. يقول فرويد: "إن حالة النوم مثلها مثل حالة المرض ، حيث أنها تمثل انسحابا نرجسيا من موقع  الليبيدو في تجاه ذات الشخص،  أو بتعبير أدق .  في اتجاه الرغبة في النوم دون سواها من الرغبات،  وتندرج في هذا السياق ، على سبيل المثال،  أنانية الأحلام. ومن الواضح أننا نعاين في هاتين الحالتين ، إن لم يوجد شيء آخر ، أمثلة على تعديلات في توزيع الليبيدو ومن جراء تعديل في الأنا...." .

ذلك لأن اللاشعور، كما علمنا من قبل  زاخر بالنزعات والرغبات المكبوتة التي تكدح في سبيل الإشباع، وهذه النزعات لا تجد السبيل هينا، فتحتال على الظهور متخفية مقنعة، في صور شائعة، تخفي مظاهرها، لتتجلى بوضوح في الأحلام، لذلك يهيمن اللاشعور بشكل كبير مما يدفع الرغبة أن تبسط ذراعيها بشكل كبير وتتحقق أثناء النوم. مما يمهد لها أن تقوم بأي شيء كان أثناء الحلم شبه من المستحيل تحقيقه، وبهذا فاللاشعور مجمع الرغبات التي تبطن معانيها، وساعات النوم من تلك الأوقات التي يغفل فيها الرقيب نوعا ما، لأن الشعور يصبح في حالة خمول يكاد يكون تاما، فتنتهز هذه الرغبات فرصة الغفلة، تريد أن تظهر في الشعور لتعبر عن نفسها.

 ولكن هذا الفيض من الرغبات المكبوتة يبقى أكثر زيفا والتواء وغموضا مما تستطيع أن تفعل في حالة اليقظة . وذلك لأن الشعور اليقظ لا يحتملها، بينما الشعور النائم يحتملها، فتظهر الأحلام في تلك الصورة الغريبة البعيدة عن كل منطق مألوف.

ترى مدرسة التحليل النفسي أن اللاشعور مفصول بشكل أساسي عن الشعور، وهو مستودع الرغبات والميول الطفولية والغريزية غير المقبولة اجتماعيا، ويهدف إلى الإشباع اللحظي الفوري، ولذلك تكون الأنا الخاضعة لمبدأ الشعور والواقع بالقيام بدور الكابت لمحتويات اللاشعور، أو تأجيل الإشباع أو إيجاد البدائل المناسبة.

  • عقدة اوديب 

لقد استخدام فرويد مفهوم عقدة أوديب وذلك في نظريته عن مراحل التطور النفسي، حيث يستخدم لوصف مشاعر الطفل تجاه والديه، حيث تزداد رغبته وميوله تجاه والده المخالف له بالجنس، وتظهر لديه مشاعر الغضب والغيرة من الوالد الذي يوافقه بالجنس، حيث يشعر الصبي أنه ينافس والده على حيازة والدته، كما تشعر الفتاة أنها تنافس والدتها على عواطف والدها، حيث يدخل الأطفال في حالة تنافسية مع الآخر. ونسب فرويد عقدة  أوديب  إلى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين  ثلاث وخمس سنوات وقال إن المرحلة عادة ما تنتهي عندما يتفاهم الطفل مع والده  حيث يتعرف عليه على أنه من نفس الجنس.

تعتمد عقدة أوديب كذلك على الميل نحو الازدواجية الجنسية، فالصبي يتصرف في بعض الأوقات كفتاة صغيرة تجاه والده، ومشاعر منافسة َوغيرة تجاه والدته، الأمر الذي غالبا يظهر سلوكا أنثويٍّا حنونًا ورقيقا، نفسه ينطبق على عقدة أوديب لدى الفتيات الصغار، ففي نهاية مرحلة التطور الأوديبي نجد أنا عليا لدى الصبية والفتيات قد تكونَت بفعل التماهي  مع الأم والأب.

إن التماهي مع الأب بالنسبة إلى الصبي يُحافظ على علاقة الموضوع بالأم ويحل  محل علاقة الموضوع الأنثوي مع الأب. يقود ترسب عقدة أوديب في الأنا إلى حدوث تغيير بها؛علاقة الموضوع؛ إد تواجه محتويات  الأنا بجزء منفصل وهو الأنا الأعلى التي تشغل موقعا خاصا وليس مجرد راسب للخيارات الأولى للموضوع الخاصة بدوافع الهو . يضيف فرويد أيضا: "فالابن يرغب في أن يضع نفسه مكان الأب، والبنت مكان الأم، وليست العواطف التي تستيقظ في علاقات الأهل هذه بالأولاد، وفي العلاقات التي تتفرع منها بين الإخوة والأخوات موجبة أو عاطفية فحسب؛ بل إنها سالبة أيضا، أي عدائية، ومتى ما تشكلت العقدة على هذا النحو قضي عليها بكبت سريع، لكنها تظل من أعماق اللاشعور مفعولا هاما ".


خاتمة

تتحدد إذن الرغبة عند ديكارت إلى ذلك الهياج في النفس تسببه الأرواح التي تعدها كي تزيد للمستقبل الأشياء التي تتصور أنها مناسبة ،  اما في ما يخص مدرسة التحليل النفسي فتعتبر الرغبة كاستهام يتحدد بالغياب، وارتباطها باللاشعور يبعد عنها بعدها الإيجابي. مما يمهد لنا طرح إشكاليات عدة وأهما: هل ستبقى الرغبة رهينة مفهوم العائلة من أب إلى أم ؟ وإلى أي حد ستبقى مقتصرة على اللاشعور؟

لائحة المراجع

  • ديكارت، رونيه: انفعالات في النفس: ترجمة وتعليق جورج زيناتي دار المنتخب العربي للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 1993.
  • 6-إسبينوزا، باروخ: الإيتيقا: ترجمة وتقديم د. احمد العلمي، أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، المغرب،2010.
  • 7-حداد الشامخ، فاطمة: الفلسفة النسقية، ونسق الفلسفة السياسية عند إسبينوزا: ترجمة جلال الدين سعيد، مراجعة صالح مصباح، مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث.
  • 8-فرويد، سيغموند: خمس دروس في التحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1986.
  • 9-فرويد، سيغموند: الحلم وتأويله، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1980.

عن الكاتب

Houssin Lemkass

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

اخر موضوعات المدونة

التجارة الالكترونية

جميع الحقوق محفوظة

الفلسفة الاجتماعية